الأربعاء، 9 نوفمبر 2022

لماذا خلق الله الأمهات؟


 أضعُ نفسي في خزانة قلبها. وفي كل صباح. أترك شَعري على كتف زمزم. وهي تقوم بتدليله تحت سماء إثيوبيا المُبهجة.

أحاول أن أنال عفوها. بعد سبع سنوات من تركي لها. هي أتت من صنعاء وأنا من بيروت والتقينا تحت سماء أديس أبابا التي تمطر بلا توقف، كل يوم.

وهذه السيدة تشيل كل غيابي وقسوتي بلمسة واحدة. تخفيه كأنه لم يكن. قلبها كبير. ويسامحني على طول.

تقول زمزم: شَعرك صار أطول من شَعري! أقول: سأقُص رقبتي وعُمري ولا شيء ولا كائن يصير أطول أو أكبر منِّك.

والصورة هذه، قبل وقت الوداع. قبل العودة إلى بيروت. صورة أخذَتها شقيقتي الأصغر فيروز، وهي تقول لزمزم: ابتسمي ابتسمي يا أم جمال.

ونحن ننتمي لعائلة حين تفرح تبكي وفي وقت حزنها تنزل دموع مثل أنهار كثيرة.

لماذا خلق الله المطارات والسفر؟ لماذا الله خلق الأمهات؟

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

زمزم.. بين يديّ وحضني


وأخيرًا. ماما زمزم بين يديّ وحضني. في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا المُبهجة.

كُنت فقدت الأمل بتحقق هذا الأمر أو كنت قد قتلت هذا الأمل في داخلي. من الجيّد أن يموت الأمل المستحيل في داخل الواحد لأجل أن تستمر حياته وتدور عجلة أيامه ليعيش رغم كل شيء.

·  كُنت أقول، بيني وبيني، لن أشوفها مرة أُخرى وانتهى الأمر. البُعد يُعلّم القسوة. ربما.

ست أو سبع سنوات مرت على أخر لقاء بيننا. واعتدت الأمر. تماهيت مع نفسي. هي السنة الأولى تكون صعبة وقاسية وبعدها تسير السنوات لوحدها. أو هكذا اعتقدت.

لكن التقينا من جديد. أسبوع كامل لم أخرج من البيت. أقعد مع زمزم وتحكي لي ما فاتني من عذابات حياتها طوال السنوات الماضية. وأحكي لها ما فعلته بي الأيام من بعدها. تحكي وأحكي. نتقاسم وقت الحكي بالتساوي.

·  أقول لها: "لقد تركتكِ وغادرت إلى بلاد ثانية وأنقذت نفسي!

        وتقول: لقد أنقذتني حين نجحت أنت في إنقاذ نفسك".

تحكي وأسمع وما زلت حتى اللحظة غير مصدق أن زمزم، أخيرًا، بين يديّ وحضني.


الثلاثاء، 15 مارس 2022

فتاة فلسطينية عارية في فيلم.. رديء




 ظهرت ممثلة فلسطينية عارية في فيلم فقامت الدنيا ولم تقعد. لا يجوز هذا ولا يمكن التسامح معه. كيف لفلسطين أن تظهر عارية!

نهر جارف من الشتائم نالت من مخرج الفيلم والذين اشتغلوا معه. اعتبروه إهانة للقضية الفلسطينية. لا أعرف أيّ قضية عادلة في العالم يمكن لفيلم سينمائي أن يقوم بإهانتها أو جرحها!

هو فيلم "صالون هدى"، من إخراج الفلسطيني هاني أبو أسعد. صاحب أفلام نالت انتشارًا واسعًا وترشحت للأوسكار، (فيلم "الجنّة الآن" 2005).

طبعًا سيكون من العبث الدخول في نقاش حول اللقطات العارية التي ظهرت في افتتاحية العمل. لا يمكن أن أسمح لنفسي أن أخوض نقاشًا في 2022 حول هل يجوز أو لا يجوز أن تظهر فتاة عارية في لقطة في فيلم سينمائي. 

ستبقى إشكاليتي الرئيسية في مستوى الفيلم فنيًّا. 

المخرج هاني أبو أسعد، في هذا الشريط، يُقدّم درسًا عمليًا في كيفية تحويل قضية عادلة إلى شيء تافه. قصة استهداف البنات الفلسطينيات وتحويلهن إلى عميلات مع الصهاينة عبر تصويرهن عاريات. 

القصة مأخوذة من الواقع ولم يخترعها أبو أسعد. لم يصنعها ولم يُخرجها من جيبه السحري. 

هو أخذها من الحياة. نزعها من واقع معاش وقام بتحويلها إلى نقاش عبثي حول العُري والسكس. قام بمسخ حقيقة يعيشها أهلنا في الأراضي المحتلّة وعرضها على طاولة نقاش لا معنى ولا جدوى منه. خطف قضية عادلة ونجح في التنكيل بها وبأهلها. 

كما وهناك مسألة التطويل في مشهد العُري. دقائق طويلة والكاميرا تصرّ على ذلك. مخرجون أذكياء كثر كانوا يفعلون ذلك من غير الاحتياج لكل ذلك العُري الطويل، الذي بلا معنى. 

لكن تبقى مصيبة أكبر في هذا العمل. 

المخرج العالمي هاني أبو أسعد قرّر أن يفعل نسختين من الفيلم. نسخة تحتوي على المشهد العاري الطويل والذي تظهر فيه الممثلة الموهوبة ميساء عبد الهادي عارية تمامًا.

نسخة للعالم المتحضر في الغرب وتحتوي على المشهد العاري. ونسخة أُخرى لنا نحن الذين نعيش في السعودية. وعُرضت هذه النسخة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي.

هكذا، يظهر المخرج هاني أبو أسعد وكأنه تاجر لا واحد بيعمل سينما. يعرف جيدًا أين يعرض بضاعته وكيف يقوم بتسويقها. للأجانب المتحضرين نسختهم العارية. ونحن أهل التخلّف لنا نسختنا غير العارية. 

هل هناك مخرج في العالم، منذ بداية السينما وإلى اليوم، قام بهذا الفعل؟ 

هاني أبو أسعد، وحده فعلها. يتاجر بقضية بلده بهذا الشكل الرديء. الرديء.. تمامًا. 

الجمعة، 22 يونيو 2018

أم كلثوم في بيروت



أول مرة وصلت بيروت كان في فبراير 2009. يعني من عشر سنوات تقريباً. عقد من الزمان. كان في انتظاري تاكسي من الأمم المتحدة، صاحبة الدعوة ، شخص لطيف وجميل. كانت الدنيا تُمطر. وهذا أمر حزين بالنسبة لي. الراديو الإف إم التابع للسيّارة كان يبث " أيّ دمعة حُزن لا ". أنا افتكرت إن أول ما أوصل المطار هسمع فيروز. بعدها ، في السنوات اللاحقة ، سأكتشف إن فيروز مش ف كل مكان. أم كلثوم وعبد الوهاب . تلقاهم في أي مكان تقريبا. في أصدقاء كُثر عارفين عن عبد الوهاب أكثر من أي مصري. منهم عزيزي رامي الأمين. وكمان في حفلة شهرية في أشهر مسرح في بيروت في الحمرا لفنان رائع اسمه عبد الكريم الشّعار. بيعمل كوبليه واحد لثومة طوال السهرة. حاجة فوق الخيال.وبسبب صوته العظيم صرنا أصدقاء. وكمان ، أهمّ من كتب عن أم كلثوم وعبد الوهاب هم من لبنان. وفوق هذا وذاك ، في أكثر من صديق لبناني حين يُغني ويُطرب لاتعرف إن كان مصرياً أم من لبنان. زياد سّحاب وربيع الزهر مثالاً. إضافة لزملاء صحافة يعشقون مصر أكثر مني. في رفيقة صحافية قريبة مني أعارتني رواية "بليغ" للروائي المصري طلال فيصل. أتت بها من القاهرة. هذه الرفيقة بقيت تلاحقني أكثر من سبعة أشهر كي أعيد الرواية إليها. كأنها لا تريد أن تفقد شيئاً من رائحة مصر. واليوم اكتشفت قناة لبنانية تبث لأم كلثوم طوال اليوم.
ومع كل يوم يمر عليّ في هذا البلد باكتشف إن الغناء المصري محبوب هنا أكثر من مصر زات نفسها :)
كل هذا كي أقول : ما فعلته اللبنانية منى المذبوح حين شتمت مصر ونالت بسببه 8 سنوات سجن، لهو أمر مبالغ فيه تماماً. هي لا تعني إلا نفسها. بس 8 سنوات ، هذا حكم لم يحدث في التاريخ. هي لبنانية نعم ، لكنها ليست كل لبنان.

الأربعاء، 10 يناير 2018

نبقى أو ... نموت معاً

حكيت هاتفياً مع أمي زمزم في صنعاء لأكثر من ساعة. أول كلمة قالتها : " يا حبيبي من أمس والدنيا بوم بوم. ما تركونا ننام. القصف جوار بيتنا. النوافذ تُفتح من شدّة الضرب " . قلت لها ( وكأني بجوارها ) لا تخافي، القصف في منطقة بعيدة. كيف تحاول تطمين قلب أُمك وأنت بعيد ؟
حين كنت في صنعاء وأقرّر الخروج من البيت باحثاً عن شاحن لحاسوبي كي أكتب للجريدة، كانت تقلي لا تخرج، هناك قصف. قصدها المكان الذي سأذهب إليه. وأقول لها: يا ماما ، يا قلبي، القصف هنا وهناك. في كل مكان بس لازم أشتغل.
اليوم عرفت قصدها. لا يعنيها أن يكون القصف هنا أو هناك. المهم أن أبقى إلى جوارها. أن نحيا معاً أو نموت معاً ، بقذيفة واحدة.

الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

صوت مصر ... شادياً


مَن يقول بأن " شادية " ماتت ، هو واحد حمار. لا يفهم معنى " شادية ". معقول 

يعني مَصر تموت ! هل يموت صوتها! هل يموت الصوت الذي صار في الدم 

والعروق !

أتذكّر في العام 2011، عام ثورة يناير، رحت في آخر الأشياء، وأصل ، متأخراً، 

على نحو دائم. لكن من حظي أن لقيت صوتها في الميدان. (قبل أن يهجم الإخوان 

على الميدان نفسه ). كان صوتها ( شادية ) يهز أسفلت الشارع. كنت أشعر بأن

الأرض تحتي تتحرك وهى تُنشد " ماشفش الأمل ف عيون الولاد " فهذا أكيد " 

معدّاش على مصر "..  

وبالتالي : من يقول بأن شادية ماتت ، يعني مصر ماتت، وهذا كلام لا يصدقه أي 

قلب. مصر لا تموت. تتعب أحياناً، لكن لا تموت. كذلك شادية.

السبت، 23 سبتمبر 2017

صباح الخير أيها الحزن...



هذه كانت أخر صورة للسيدة فيروز. في حفلها الأخير في بيروت. عزمتني عليه صديقتي جمانة فرحات. وحين الحفل أتى نزلت دموعي وأنا أشوف فيروز ولا خمسين ميتر يفصلني عنها وهي تضرب الدُف في سابقة لم تحصل من قبل. هي هذه الصورة. وحين قالت السيّدة " تعى ولا تجي " أنا بكيت ونزلت دموع كثيرة. وكانت جمانة تمسح دموع عيني. وما تزال. 
وفي أيام تالية ، رأيت زياد الرحباني. مُصادفة. سألته لماذا لم تكن في حفل أمك! قال لي : كنت تعبان. وكان صادقا وهو كان خارجا من صيدلية تقع أمام "مسرح المدينة". 
لكن قصة المرض أُخرى وأخرى. فيروز لم تعد تحكي مع ابنها وصارت تحت إمرة الإبنة. ريما رحباني.
أنا حزين اليوم . حزين حتى البكاء. مع هذا الألبوم الجديد للسيدة فيروز الذي صدر اليوم تحت رعاية البنت التي تمسخ تاريخ فيروز. نفسها.  
ونقطة ع أكثر من سطر. 

الأربعاء، 19 يوليو 2017

الحب المستحيل والتافه

ليه الواحد لمّا توصل حكايته إلى نهايتها مايتركش الطرف التاني في حاله! ليه الذكر 

بيعتبر الأنثى ملكية أبدية لمجرد إنها سمحت له ينام معها! اليوم ظهراً في حانة حنونة 

بشارع الحمرا كنت اقرأ شيئاً من الرواية الجديدة للصديق عبده وازن فإذ بحوار 

يصلني لشدّة ارتفاع صوته. لم يكن حواراً بين كلاماً من طرف واحد باتجاه الطرف 

الثاني الميّت في صمته. الأنثى وتبدو منصتة للتهديدات التي تصلها من رفيقها 

السابق. لقد قرّرت انهاء العلاقة بينهما والبحث عن نصيبها في مكان آخر لكن الذكر

يرفض ويرغب في البقاء معها. لكن الرعب الحقيقي أتى حين هدّدها بنشر تسجيلات
 
الفيديو التي كانت تسّجل ما كان يحصل بينهما في حال لو بقت على إصرارها في

فك الارتباط بينهما. حاولت التدخل لكن فضلت البقاء في صمتي. الشاب ضخم 

ويمكن أن يمسح بي البلاط وانا ضعيف البنية ويتيم. تكمن الحقارة في هذه القصة في 

الطرف الذكوري بكل تأكيد. كيف يرغب ذلك البغل في البقاء مع أنثى لم تعد تريده! 

كيف يريد البقاء في علاقة ستتحوّل إلى اغتصاب إن استسلمت الفتاة إلى تهديده حماية لنفسها!

وبقيت في الاستماع ونسيت الرواية. إلى أن ذهب الشاب الحمار والتافه. وحين 

خروجي لدفع الحساب مررت بجوار تلك الفتاة الوحيدة والحزينة وقلت لها: "إنتي 

جميلة جداً على فكرة، فيكي شبه من سعاد حسني". قُلت العبارة بلهجة مصرية 

أجيدها وأحبها. في حين جاوبت الفتاة بابتسامة وكأنها شعرت فجأة بأنها ليست وحيدة في هذا 

العالم التافه.

الأحد، 14 مايو 2017

آخر أيام المدينة



يرى القلب مايريد في السينما. بعيونه. وهذه الفتاة كانت قمر الفيلم. حين تقرر اقفال الهاتف حين ترى اسم صديقها القديم وقد اتخذت قرار الهجرة وترك مصر لأهلها. 
للمصادفة يكون الحبيب القديم في الشارع نفسه، أمام المقهى الذي تقعد فيه ويراها تقفل هاتفها. الفتيات القويات فقط يفعلن هذا على الرغم من منحها له قُبلة في خاتمة الفيلم وكان سفرها في اليوم التالي. هذا واحد من المشاهد القليلة التي منحت فيلم "آخر أيام المدينة" للمخرج المصري الشاب تامر السعيد شكل الفيلم الروائي. أنقذته من النوم طويلاً في لقطات طويل صامتة تدخل في سياق الفيلم الوثائقي، فيلم تسجيلي عن منطقة وسط البلد في القاهرة. 
وللمفارقة وعلى الرغم من كون العمل عن العاصمة المصرية ، بدت لي المشاهد التي أتت من بيروت وبغداد أجمل ما في الفيلم. 

الأربعاء، 10 مايو 2017

قلب واسع مثل بحر بيروت



قلتُ لها: شكلك مختلف عن الصورة. قالت: الصور تكذب. هي الفتاة التي قامت بتصويري في عيد العُمال في حانة في بيروت. قالت: شعرك حلو كتير. فأجبت شكراً كثيراً لروحك. قلتُ: لماذا تربطين شعرك كعكة متل الأطفال! أتخافين من شعرك! قالت لا أبدا وفتحت ليظهر ناعماً فاحماً ومعتماً كالليل الذي كان يحيط بنا. قلت: لماذا لا تسمحين له أن يطول حتى تظهرين كالرسولة التي كتب عنها مولانا أُنسي الحاج! قالت: كان طويلاً وقصصته. لتظهر قصة أُخرى.
تسكن هذه الصديقة قرب الجامعة الامريكية وبقربها مركز لعلاج الأطفال من السرطان. حين كانت تخرج من بيتها بشعرها الطويل مثل الينابيع كان الأطفال ينظرون إليها كل صباح ويبتسمون وقد حرمهم الله من نعمة الشعر. كل صباح. ينظرون إليها ويبتسمون. ملائكة الله وهم يذهبون لتلقي جرعة علاج كيماوي جديدة. وفي يوم ما قرّرت هي الذهاب إلى المركز وقالت لهم: أتبرع بشعري لأصدقائي. طبياً عملية زرع الشعر المُصنّع لها تبعات ثقيلة عكس أن تكون الزراعة من شعر طبيعي. " نظر إليّ الموظف وهو يهمّ بقص شعري وقال: إنتي سكرانة!" فقالت لا. قرارها كان في لحظة وعي ومحبّة كاملة. وانتهى الأمر.

هي اليوم فرحانة بشعرها القصير الذي سيعود إلى طوله قريباً . وسنذهب معاً وقريباً إلى بحر بيروت.  

الأحد، 7 مايو 2017

العاشق الفرنسي الكبير



الصبورات الحنونات الجميلات الأنيقات هُنّ الكبيرات. وهذا الهبل العربي الحاصل اليوم والناقد لزوجة الرئيس الفرنسي القادم ماكرون هو نوع من الهبل الحقيقي. يحتقرونها لأنها أكبر منه ب 25 سنة. كانت استاذته في المدرسة وقرّر مُحاربة العالم للزواج منها. قرّر مقاتلة أسرته وقال لهم: هذه حبيبة قلبي ونصيبي من الدنيا ولا شأن لكم بها وبي.  وقد كان وقتها في ال 18 من عمره. كان في بداية الحياة. لكن : هل رأوها بعينيه! 
لقد قرّر محاربة الكون والعائلة من أجلها ونجح في ذلك. و يبدو أن جميع العرب من السلفيين السفلة وكل رغبتهم في الحياة الزواج من بنت صغيرة والاستمتاع بها هم أساس المشكلة. من يريد الزواج بفتاة أصغر منه في السن هو يريد اغتصابها لا الزواج بها والحب. يريد مضاجعة قطعة لحم صغيرة لا تزال في بداية حياتها ولا تعرف من الدنيا شيئاً كي تستر عنه عيوبه. لو تزوج فتاة ناضجة فسوف تكشفه وتنثر ضعفه. والأقبح من كل هؤلاء جماعة الإخوان. الواحد منهم متزوج من أربع فتيات صغيرات. وكل ليلة ينام مع واحدة وهو لا يعلم أين تقضي الثلاث الباقيات ليلتهن ومع من! إنهم يروجون للدعارة وهم يعلمون ويسكتون.

حين يفوز ماكرون الليلة برئاسة فرنسا يعني: انتصار العشّاق الكبار . 

الأربعاء، 19 أبريل 2017

بيروت ، تُفاحتي الأخيرة



قُلت سأخرج هذا الصباح كي أُنهي أشغالاً شاقة وكثيرة. وخرجت ، على الرغم من الجو الغائم والماطر الحزين. لأول مرة أخرج صباحاً منذ موت والدي جبران. على تلفوني تسير تحفة بليغ حمدي " حاول تفتكرني". يُغنيّها عبد الحليم حافظ لكن كل شيء في الأغنية مشغول بعبقرية بليغ. موسيقاه تقول كلاماً. هو الوحيد في تاريخ الموسيقى العربية الذي فعل مزيكا بتتكلم. " ومنين نجيب الصبر يا اهل الله يداوينا.. وسافر من غير وداع ". تبقى فكرة الذين يموتون ونحن بُعاد عنهم فكرة مستحيلة التصديق . لابد من موت الأحبّة أمام أعيننا كي نُصدّق موتهم وبأنه حصل. وعليه يبقى موت بابا جبران مؤجلاً إلى الأبد بما أني لم أشاهده يموت أمام عينيّ ووجدت خبر رحيله نائماً في رسالة على تلفوني. القاتل في الأمر أيضاً أن تجد خبر وفاة أقرب الناس إلى قلبك مرسلاً عبر برقية "واتس آب". بهذه البساطة صار الموت سهلاً. 
ما علينا. 
خرجت صباحاً في المشوار الأول. إلى الجامعة اليسوعية كي أفعل قراراً له أمر تغيير حياتي، على افتراض امتلاكي لحياة قادمة. على افتراض امتلاكي لحياة من الأساس. لكن في الطريق توقفت وقلت سأذهب إلى السفارة المصرية علّهم بعثوا بتأشيرة دخولي إلى القاهرة. لكن توقفت أيضاً. لازم قبل هذا أن أروح إلى الجهة الأمنية حتى أقوم بتمديد فترة إقامتي في بيروت.  لكن تراجعت مجدداً. كان الوقت قد تأخر ولن أحصل عليها في اليوم نفسه. قلت سأذهب إلى الجريدة حتى أجدّد بطاقتي الصحافية التي انتهت قبل 3 أشهر. تذكّرت بأني لا أملك صورة للبطاقة. سأتصل إذاً بالناس في الجريدة كي أطمئن لوجود الفتاة الحلوة ، كبيرة القسم الثقافي التي عليها كل أموري في الجريدة. لكن رقمي الهاتفي خربان ولابد من رقم جديد. وكنت بحاجة لنصف ساعة كي أحصل على الرقم الهاتفي بعد أن أخذوا لي صورة وخطوات شديدة الدقة. لقد تغيّر الوضع ولم يعد من السهل الحصول على رقم هاتفي. وأخذته.
قبل أن أفعل اتصالاً اكتشفت بأن بطارية هاتفي قد نفدت. فكان قرار العودة إلى البيت.
لكن وأنا أعبر المسافة الفاصلة بين جانبي الشارع المؤدي إلى حيث أسكن سمعت شجاراً بين فتاة حلوة ، ( كل الفتيات حلوات )، وشاب أرعن يبدو أنه عاكسها بطريقة قاسية. سمعتها تقول له :" يا حيوان، يا أزعر". قالتها بنبرة تملك كل حنان العالم. تمنيت وقتها بأني الشاب المشتوم. تمنيت وقتها أن أذهب إلى الفتاة وأقول لها: " لو سمحتي اشتميني بكل قوتك، لو سمحتي قولي لي ياحيوان، لو سمحتي أنا يتيم وأحتاج لقليل من حنانك ".
 يبدو ذلك الشتم حين يخرج من فم فتاة لبنانية كأنه مديح،كأنه دلال، كأنه الحب كلّه . لا لهجة في الدنيا قادرة على تحويل الشتيمة إلى كلام حلو غير اللهجة اللبنانية حين تخرج من فم أُنثى.  
والله على ما أقول شهيد.   

الأحد، 16 أبريل 2017

جبران لا يحقد عليّ




لم يعد لديه سوى تلك الأصابع التي صارت عينيه ويرى بها،أصابع كأنها كاميرات معلقة فوق رأسه. هو جبران، أبي الذي لم يعد يرى من وقت طويل.لا أدري متى توقفت عينه عن النظر.لم يحدث هذا الأمر بطبيعة الحال فجأة.احتاجت المسألة وقتاً من الأيّام وبشكل تدريجي حتى وصل جبران إلى تلك الدرجة من البصر،إلى العتمة النهائية.

لم نعش مثل صديقين، أبي وأنا.مثل تلك الحياة التي كانت لأصدقائي وكنت أراهم يتسايرون ويذهبون مع ابائهم إلى السوق وإلى النزهات وحفلات الأعراس مع بعضهم. كان أبي مشغولاً بشغل الحراسات اليلية التي كان يعمل بها وتمنعه من التصرف كأب طبيعي مثله مثل العالمين.كان مشغولاً بتدبير أمور الحياة لنا.
لقد تأخرنا كثيراً في معرفة بعضينا.

ضربني أبي مرة واحدة في حياته. أو مرتين. لكنيّ عالق عند الضربة الأولى.ألمي الشخصي (لا الجسدي) ما يزال باقياً ومحتفظاً بتفاصيل معركة حصلت فوق جسدي وكنت مظلوماً فيها. أتذكر الضرب الذي أخذته،ذلك الضرب المجانيّ وجاء نحوي بكثرة.

يقول جبران: أتذكر، مازلت؟
نعم ، وتماماً بكل التفاصيل والأذى.
يقول: أنت كائن شيطاني لا يُسامح.
لا علينا،أقول فقد مضى كل شيء وبقينا الآن متساويين: أنت ضربتني وأنا أهملتُكَ.
يضحك.

أتعمد قول: أهملتُكَ ياجبران بصوت مرتفع كي يسمع كلمتي بوضوح.هو لم يعد يسمع بشكل جيد.يمكن التصريح بحزم والجزم بأنه لم يعد يسمع. أو يسمع ما يريد سماعه.لقد صار عجوزاً وهذا الفقد والنقصان في السمع هوضريبة السنوات التي قضاها في الحياة. لكنّه ما يزال يسمع إذاعة صنعاء التي لا تفارق المكان الذي يتكوم فيه طوال يومه.المكان الذي صار يقيم فيه كجزء من المكان نفسه. ما أقسى أن يصبح الواحد منّا عجوزاً ولا يصير مؤثراً في المكان وفي الدنيا.

لكنّه ما يزال يسمع. ما أن يشعر بوجودي في البيت حتى يرفع شكواه للذين في البيت نفسه،ماما وشقيقتي الصغرى.يرفع جبران شكواه مندداً بذلك الصبي (أنا) الذي لم يعد يزوره في البيت ولا يسأل عنه.يقول إنه لم يرني منذ سنة ونصف السنة.هكذا يقوم بتحديد فترة الغياب بصرامة ودقة. لطالما ردد الشكوى نفسها أمام شقيقي محمّد ( عندما كان محمّد على قيد الحياة).

كانوا يعرفون،جميعهم أنه يبالغ أو يفعل نوعاً من الدلال. لقد صرتُ الصبي الوحيد الذي بقي له على قيد الحياة ولا بد أن يتدلل عليه.
الغريب أو اللافت أنه لم يعد يتكلم معي عن الراحل محمّد. كأنه قرر أن يُبقي سيرة فقدنا الكبير في قلبه ولا يبوح بها لأحد. لا يريد أن يُضاعف من خسارة العائلة وألمها بسبب فقد محمّد والاستمرار في تكرار القصة كبركان من الحزن لا يريد أن يهدأ.لقد انكسرت هذه العائلة بموت محمّد وصرنا عائلة منكوبة ومسحوقة بموت محمّد وانتهى الأمر. وهو انكسار لم يعد يصلح معه كلام أو شكوى مكررة. من دون محمّد لم نعد قادرين على إيجاد جدار نتكئ عليه. الصمت فقط، و كأنه اتفاق جماعي بيننا ويقول بضرورة إغلاق كتاب محمّد وعدم تقليب صفحاته،وضعه في الأرشيف.اتفاق بضرورة منح محمّد الجميل ذلك الهدوء الذي يحتاجه الموتى وذلك الصمت الذي يلزمه حول قبره.الطمأنينة التي يستحقها.

أحياناً أذهب إلى جبران،إلى بيتنا القديم حيث يسكن،البيت الذي رفض تركه والانتقال معنا إلى حيث نقيم الآن،متعللاً بأنه لايقدر على ترك أصدقائه القدامى.وهو يعلم أيضاً. كل هؤلاء الأصدقاء الذي يعنيهم ماتوا وغادروا الدنيا ولم يبق منهم غيره.
أذهب إليه في البيت القديم وأدخل ولا يراني. أتأمله وأتبع حركاته في البيت وكيف صارت أصابعه دليله.لقد صار يرى بأصابعه. هي الأصابع هنا وقد صارت عيوناً كثيرة وكبيرة.ألتقط له صوراً كثيرة.صار معي أرشيف ضخم من الصور تخصه وهي حصيلة زيارات كثيرة هو لا يعلم أني فعلتها. أقوم بالتقاط الصور فقط وتخزين حركاته في الذاكرة.أقول لنفسي: عندما يموت جبران سأعود إليها.

لقد تعب هذا العجوز من البقاء لوحده في ذلك البيت القديم والذي تربيّت أنا فيه وقضيت سنوات كثيرة من عمري. لقد تعِب وقرر البقاء معنا في البيت الجديد،بيت ماما زمزم وفيروز، شقيقتي الصغرى. لقد تعب لوحده لكنّه لا يعترف.هو عنيد ولايعترف بسهولة. لا يتنازل أبداً. عقلية قبيلي أصيل.

هو معنا هذه الأيام وأنتظر،خلال سهري ميعاد نهوضه للوضوء فجراً. أُمسك بيديه ونمضي معاً إلى طريق الماء. يسأل: مَن! فأقول: أنا جمال. ينتهي من وضوئه صامتاً ونعود ليغرق في صلاته. أسمعه يقول،بصوت خافت:الله ينوّر قلبك يا بني.
أعود إلى مكاني بقلب مطمئن.


أبي،جبران لا يحقد عليَّ.

الثلاثاء، 24 يناير 2017

Toni erdmann


فكرة الأبناء مخيفة. أن يكون معك أبناء. وإن كان لابد فلا بأس بإبنة. لا أحب أن يكون معي أولاداً من الذكور. البنات هن الحلويات. أخلّف بأي طريقة كانت. أأتي بفتاة صغيرة وأقوم بتطليق أمها. لأعيش وحيداً مع صغيرتي. البنات الصغيرات يجلبن الحظ والسعادة. كان هذا تفكيري على طول الخط ويشغلني على الدوام. لكن كل هذا تغيّر مع هذا الفيلم الألماني الفريد. واحد من أجمل أعمال العام الماضي وينافس بقوة في جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي ناطق بغير اللغة الانجليزية. وسينالها.
لو كنت والد البطلة،في هذا الفيلم، لقتلت عارها ورميت بلحمها في الشوارع. أرمي لحمها قطعة قطعة وأضع في كل شارع قطعة. وأستمتع بذلك. مثل هؤلاء البنات المُحتقِرات لفكرة الأب يجوز في حقهن القتل والتمثيل بجثثهن. في الوقت الذي يسعى الأب نفسه لاختراع أسباب الفرح من أجلها ويذهب لفعل كل شيء، وأي شيء في سبيل تحويل حياتها من جحيم إلى بستان ورود وبهجة. فيلم يستحق المُشاهدة ويستحق ما نال وسينال من جوائز. على الرغم من عبثية فكرة الجوائز من الأساس ومع هذه النوعية من الأفلام خصوصاً. 
لتجميل الفيلم :
 http://www.torrent9.biz/torrent/toni-erdmann-french-bluray-1080p-2017
وتحميل الترجمة :
 https://subscene.com/subtitles/toni-erdmann

الاثنين، 23 يناير 2017

Manchester by the sea


سمعتُ وقرأت كثيراً عن الفيلم وطال انتظاره. وحين تقول السيدة سعاد بأن الفيلم جميل فهو جميل. قولها فاصل ورأيها ونظرتها للأشياء مختلفة عن القطيع. هذه اليمنية التي تركت البلاد منذ وقت بعيد وأقامت في وطن بعيد إسمه أميركا. 
لتحميل الفيلم من هنا  : 
 https://katcr.co/new/torrents-details.php?id=22193
 

الأربعاء، 18 يناير 2017

في غرفة العنكبوت


مع رواية جميلة أضيع. أيّ رواية جميلة. فكيف الحال لو كانت لصديق جميل اسمه محمّد عبد النبي. لذلك أشعر بأنها لي أنا وأضيع. أحسب كأس الشاي منفضة للسجائر. أرمي رمادي تارة ، وأشرب من الكأس نفسه تارة أخرى. أتذكر بالمناسبة صديقاً في باريس دخل حديقة في ظهيرة يوم وفي حضنه 12 قزازة بيرة. وبقى يشرب ويشرب. ولا حمّامات عامّة في المكان. كانت بعيدة عنه فاستبدل القزايز الفارغة بها. حين كان يقع في الحصرة. لكن مع الوقت نسى أينها قزازة البيرة من القزايز التي بال فيها. اختلط الأمر معه، وضاع. 
و"في غرفة العنكبوت" التي نجحت الدخول في قائمة جائزة البوكر الطويلة، يضيع الواحد. مع الموضوع الصادم ، المثلية في الواجهة وكعنوان فقط ومع اللغة المُقتصدة الدقيقة المُنتجة لتؤدي المراد منها لا أكثر ولا أقل. بلا كلمة واحدة زائدة. كأنها جراحة. كل هذا أدى وظيفته بدقة عالية تجعل القارئ لايشعر بالموضوع أصلاً وبأنها فكرة جارحة في بيئة اجتماعية ترفض الأمر برمته ولم تتصالح معه بعد. تحتاج مسافات ضوئية من أجل ذلك. لكن في الحقيقة يمكن القول بأنها ليست رواية عن المثلية. بأنها عن عالم مختلف مسكوت عنه فقط، عن حالات نهدر فيها كثيراً ونحن لانعرف شيئاً عنها. الحديث بدون معرفة مهنة ليست جديدة ويشتغلها كثيرون. 
هي رواية تستحق القراءة، باختصار. القراءة هنا بوصفها علاجاً. 
 

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

بين الشرمطة والأدب ..


كنتُ أقوم بتقطيع الطماطم الحبيبة فقطعت إبهامي الأيسر وسالت دماء. لقد شردت ونصف عيني مرمية على مقطع رهيب من "الجميلات النائمات" لياسوناري كاوباتا التي نجحت في قرصنتها مؤخراً بترجمتها الفرنسية. كُنت في ذلك المقطع الرهيب الخاص بتلك السيّدة المتزوجة والمنتمية لفئة اجتماعية راقية ولها سمعة جيدة وعلاقات شتى.
كانت،كل مساء، قبل نومها تغمض عينيها وتبدأ،على أصابع يديها في عدّ الرجال الذين يروق لها قيامهم بتقبيلها، تعدّهم على أصابعها واحداً واحداً وحين لاتقدر على وصولها إلى العدد عشرة تشعر روحها وحيدة للغاية. إنها فقط عملية إحصاء والنساء لوحدهن،حين اقتراب موعد النوم، يدركن معنى الوحدة. إنها تعدُّ فقط وربما تعاود تأمل وجوه أولئك الرجال وشكل أجسادهم خلال العدّ كي تبتهج مشاعرها، مجرد اشتهاء لا أكثر وفي سريّة تامّة، في العتمة التامّة. لكن حصول الفكرة من أساسها منح بطل الرواية شعوراً بالقذارة على الرغم من كونها حكاية قد ماتت وماتت صاحبتها " كم مِن الرجال، قبل أن تموت، تخيّلت قبلاتهم لها!". هو نفسه كان يخجل من تذكّر النساء اللواتي قد نام معهن فعلاً. لم يكن يسمح باستعادة قصصهن ولو عن طريق الخيال.
كانت الدماء ماتزال تسيل من إبهامي وأنا أقرأ وأقوم بمواصلة تقطيع الطماطم وحين انتهيت أتت غادة السّمان في بالي. تلك المرأة، الكاتبة الوحيدة في العالم التي أزالت الفارق بين الأدب وبين الشرمطة. 

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016

حكايات يوسف تادرس ..


الملاحظة الأولى بخصوص رواية "حكايات يوسف تادرس" لنبيل عصمت التي فازت البارحة بجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الاميركية: أن يلاقي القارئ حاله أمام أعداد هائلة من الاخفاقات الطباعية في رواية عدد أوراقها 259 صفحة فهذا أمر جلل ولا يمكن تجاوزه بسهولة. يقتل الرواية ولايتركها تمر أمام عيون القارئ بسهولة. إرهاق نفسي كثير وكبير. لم يعد مقبولاً على نحو مُطلق وجود ذلك الكّم الرهيب من الأخطاء الطباعية في أي عمل منشور وعلى وجه الخصوص لو كان في دار نشر محترمة استطاعت في وقت قصير،منذ تأسيسها، خلق حالة نشر غاية في الأهمية من حيث جودة الأفكار والأسماء التي تقوم بتقديمها للقارئ العربي.
وكنت قطعت على نفسي عهداً بعدم إكمال قراءة أيّ عمل مطبوع يحتوي على  أخطاء طباعية في صفحاته العشر الأولى فكيف الحال لو كانت غالبية الصفحات تضمّ في قلبها كمّية هائلة من السقطات الطباعية وصلت لحد إسم بطل الرواية نفسه بل واسم دار النشر في مكانين مختلفين من الكتاب. لكن أكملت القراءة بهدف معرفة وتلّمس الأسباب التي دفعت بلجنة تحكيم جائزة نجيب محفوظ تقديم نفسها لهذه الرواية تحديداً.
لعلّه الوجع المسيحي. قلت لنفسي مدفوعاً بانطباع أوليّ نجح في التمددّ لغاية الصفحة الأخيرة من العمل. بمعنى أن توقيت منح الجائزة مع خبر جريمة تفجير الكنيسة المصرية قد يكون مادفع اللجنة لذلك المنح. وقلّة هي الأعمال التي التفت بقوة نحو ذلك الألم المسيحي وقامت بتقديمه على نحو واضح ودون مواربة. إحساس أهل هذه الديانة بأنهم كيان مُهمل ومجروح "إعادة لسيرة الاضطهاد جيلاً بعد جيل،هذا يحزن القلب" على أمل أن ينتهي ذلك الأسى في يوم من الأيام " لكنه حتى الآن صليب يحمله جيل آخر وآخر "، ولا يبدو قرار الهجرة إلا حلاً أمام الناس حتى ينتهي كل ذلك الألم، بحسب خاتمة الرواية، ف"هذه بلاد فيها أبخرة عفنة وهو (الإبن) يريد أن يعيش في جو نظيف".
ولعلّ موضوع الرواية جاء مناسبة لاستعادة عمل مُبهر للكاتب عادل أسعد الميري " كل أحذيتي ضيّقة". كتاب مرّ عبوراً ولم يخدمه توقيت ولم تلتفت إليه جائزة.