الأحد، 11 أكتوبر 2015

السيّد جبران .. أبي

هذا أبي جبران وهذه أصابعه. أصابع يده اليُمنى التي كانت قادرة على فعل وصولها إلى تحت السرير الذي كُنت أختفي فيه من صقيع الحياة وهرباً من صلاة الفجر. تلك الأصابع التي كانت تصل إلى شَعري الكثيف وتسحبني إلى المسجد وبعدها إلى دروس القرآن واللغة العربية في المسجد نفسه. كُنت أقع في أخطاء القراءة كثيراً وكان الصحاب يضحكون عليّ. وخطوة وراء أخرى صارت اللغة العربية لغتي الأولى، بسبب تلك الأصابع.
هذه الأيّام،منذ سنة تقريباً ومع بداية العدوان السعودي علينا جاء جبران للإقامة معنا. صار يقيم في الطابق الجديد الذي أسكنه لوحدي، غرفته إلى جوار غرفتي. كانت مكتبة فجعلتها غرفة له. نتكلم كثيراً ويطول بنا السهر. استعار منّي جهاز الراديو الذي لم يُفارقني من أكثر من عشرين عاماً. فرصة جعلتني أُعيد تأمل أصابعه وهي تبحث عن موجات اذاعة لندن التي نشأت أنا على أصوات مذيعيها بسببه. في الفجر ومع اقتراب الصلاة أنسحب من فراشي إلى غرفته وأمسك بأصابعه، أصابع يده اليُمنى وأذهب بها وبه إلى الوضوء. ينتهي لأعود أنا إلى قبض نصف نومي في حين يبقى نصفي معه. مع جبران.. الذي لم يعد يرى فأصبحتُ أنا عيونه.