الاثنين، 10 أكتوبر 2016

الخاتم بوصفه بطاقة شخصية ..


سيعرفه أهلهُ من خاتمه الواضح في الصورة. سيعرفه أهلهُ من الخاتم الذي بقي من جسد ابنهم. سيُقلّبون في كومة الجثث التي صارت فحماً ولن يعثروا على شيء سوى الخاتم. مؤلم هو أن يتحوّل إنسان إلى مجرد خاتم الخاتم نفسه والذي كان يضعه على اصبعه من وقت طويل وكان معه حين ذهب لتأدية واجب العزاء في القاعة الكبرى في صنعاء والتي قصفتها طائرة سعودية في وقت كانت تضم بداخلها مايزيد على الألف شخص. والنتيجة : مناسبة عزاء تحوّلت لحفلة شواء عناصرها لحم بشري.
وعن طريق الخاتم  ستعرفه الزوجة وسيعرفه الأولاد الذين اعتادوا تقبيل يد أبيهم كل صباح. اليد نفسها التي كانت بخمسة أصابع وصارت اصبعين ونصف الاصبع. ولو رأيت الصورة من جهة أخرى سأكتشف أشياء كثيرة لم أكن أفعل لها اعتباراً في أيّاميّ العادية الماضية قبل أن تصير الطائرات السعودية هي الكائنات الوحيدة التي تُحلّق في سماء حياتنا.قبل أن تصير تلك الطائرات قابضة على مصيري وتتوقف حياتي على مجرد صدفة لها أن تُبعدني عن الأمكنة التي تواصل قصفها منذ سنة ونصف السنة.  سأكتشف كم كُنت غبياً حين وضعت في إصبعي خاتماً يشبه خواتم ثانية بلا علامة واضحة تعمل على تمييزه. خاتمي يشبه خواتم كثيرة وأكثر من أن تُحصى. هكذا كُنت سأضيع بين أكوام الفحم البشرية وسأشبه غيري. كُنتُ سأدفع ثمن تكاسليّ عن اقتناء خاتم له سمات تخصه وحده ومختلفاً عن سواه حتى يكون التعرّف عليّ سهلاً بعد أن يفعل الصاروخ السعودي قصفه لحياة كومة من الناس وأنا بينهم.
( يا الله. كيف أن أحلامي صارت تتضاءل على نحو مخيف. بقيت أحلم فقط وأتمنى أن أموت على نحو محترم وهادئ وليس في حفلة شواء سعودية. أن أموت وأن يتبعني اسمي على الأقل مكتوباً على شاهدة تُغرس في قلب قبري! ). 
 وعليه سيكون حتفي هامشياً وشبيهاً لحياة سواي كما كانت حياتي هامشية وبلا نقطة مختلفة لصالحها. حياة ببلاش لا قيمة لها ومثلها سيكون موتي. كما لا زوجة لي ولا أبناء كي يسعوا للتعرّف عليّ من الأساس. لا قلق من هذه الناحية. 
لكن يبقى الأمل الوحيد في قلب أميّ. وحدها من ستنجح في التعرّف عليّ وقد صرتُ فحماً وسط كومة فحم.. بشرية. الأمهات لسن بحاجة لخواتم أو علامات مميزة كي يعرفن هويات أبنائهن حتى وقد صاروا كومة من فحم. هذا الجسد الذي تحوّل لمجرد خاتم سيتعرّف عليه قلب أمه. لكن الطائرات السعودية لا تعرف ذلك. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقات