الأحد، 14 أغسطس 2016

معاً ومعاً ..




صار لا بد من مفاوضات شاقة مع ماما زمزم كي أخرج من البيت. صار عليّ شرح أسباب هذا الخروج والجهة التي سأذهب إليها وحجم الوقت الذي سأقضيه هناك. هي تعتقد أن الطائرات لا تقصف سوى الأمكنة التي أكون وأتواجد فيها. أخبرها أن احتمالات القصف مفتوحة على كل الأماكن بلا تفريق ولا توجد منطقة آمنة. قد يضربون هنا أو هناك. هذا على الرغم من ظهور منطقتنا كمساحة آمنة طوال الفترة الماضية فليس فيها مقر حكومي أو موقع عسكري يستحق القصف. هي منطقة الفقراء والنّاس العاديين. المرة الوحيدة التي قُصفنا فيها كنت أنا في جهة بعيدة منه. حال عودتي إلى حارتنا ظهرت لي آثار القصف  في واجهة المحلات الزجاجية والهلع الظاهر في وجوه الذين قابلتهم وهم يحكون لي تفاصيل تلك اللحظات وكانوا يعيشونها للمرة الأولى. أخبرني الشاب الذي يمتلك محل حلاقة في منطقتنا وهو صديقي،  كيف خرجت نساء وفتيات من صالة الأعراس القريبة من محله بثياب الاحتفال وبكامل زينتهن وقد أنساهن صوت الانفجار ارتداء أغطيتهن السوداء التقليدية. قال لي مُبتهجاً وساخراً:" هل كنا بحاجة لهذا الانفجار كي نكتشف حجم الجمال اليمني الذي نملكه". سمعته ولم أبتسم. 

في الصباح رأيت زمزم وأنا استعد لخروجي. وقبل أن تعود لتكرار استجوابها ومحاولة منعي من الخروج كي لا أوجه الأخطار المحتملة أخبرتها بنبرة صارمة أن القصف الوحيد الذي حصل لمنطقتنا حصل وأنا بعيد عنه.
لكن أنا أعرف. هي تريد أن نبقى معاً لأطول وقت ممكن في مكان واحد، هي تريد أن ننجو معاً وإن حدث قصف علينا فنموت معاً.