الأحد، 15 مارس 2015

انتهينا وانتهى الأمر ..



قلتُ سأذهب إلى السينما في محاولة لقتل كل هذا الوقت الأسود القاتم الذي صار يحيط بحياتي، كل هذا الوقت المريض والمَخصي. هي صالة السينما المحترمة الوحيدة التي ما تزال على قيد الحياة في الوطن. لكن ومِن سوء حظي أن يكون العمل المعروض فيلماً تدور غالبية حكايته في الفضاء وتظهر مشاهده كما لو أنها مأخوذة من أخر نقطة في الدنيا. وعليه بقيت أطير طوال العَرض واشعر بأني لا أقعد على شيء. بقيت جسداً فالتاً يحاول الاهتداء لثبات ويخشى السقوط في أي لحظة. بقيت أمسك المقعد الساكن بجواري كما لو أنه طوق نجاة. سأسقط الآن، كُنت أقول لنفسي مع كل مشهد يواجهني لينتهي ويأتي آخر لأقول العبارة نفسها مجدداً. على هذا بقيت طوال الفيلم مثل ورقة ملقية في هواء ولا تجد سنداً ولا جدار. على هذا بقيت منتظراً ومعلّقاً وأنتظر نهاية.

أنا لا أقدر على هذه النوعية من الأفلام وبي رهاب من الأماكن العالية فكيف الحال والمعروض كلّه عال وقصته لعب على الفراغ ولعب على تفاصيل الرهاب الذي أقلق حياتي وما يزال يفعل. أكثر اللحظات رعباً في حياتي هي لحظات الإقلاع والهبوط في السفر. وحين انتهى الفيلم شعرتُ بنجاتي، شعرتُ بالفخ الذي خرجت منه، شعرتُ بأني نزلت أخيراً إلى الأرض ورجعت واحداً من سكّانه وأهله. وقد جعلتني نهاية الفيلم هذه كي أفعل عودة لما كان فيه والقصة التي كان يرويها. إنه فيلم عن النهايات والاحتمالات التي تنتظر حياة الكرة الأرضية وشكل ختامها. لقد كان فيلماً عن النهايات والجوع الذي سيبدأ به مشوار تلك النهايات والحرائق التي ستلّف العالم الأرضي. لقد ذهب أبطال الفيلم إلى الفضاء ليجدوا حلاً لمصير أهاليهم في الأرض. لكنّ ما شأننا نحن في اليمن بمثل هذا الفيلم وموضوعه. نحن انتهينا وخلصنا واكتملت نهايتنا ولم نعد فعلياً على وجه الأرض. من يقول بأننا ما نزال على قيد الحياة كاذب ومزوّر حقائق. نحن انتهينا وما شكل حضورنا الحالي على الأرض سوى لعبة فراغية لا معنى لها ولا تؤكد حياة حقيقية لنا. مجرد أشباح ولا أحد يرانا أو يهتمّ لأمرنا.