الثلاثاء، 16 فبراير 2016

Trumbo




هذا فيلم مُبهر ويقول في معنى احترام الإنسان نفسه. أن يبقى واقفاً حتى اللحظة الأخيرة من حياته ولا يفعل خطوة واحدة إلى الوراء ويندم عليها. برايان كرانستون بطل الفيلم مُرشح عن هذا الدور لجائزة أوسكار أفضل ممثل. في حين يبقى من المدهش معرفة أن الشخصية الحقيقية نالت جائزتي أوسكار ولكن تحت إسم مُستعار. كان يجلس في بيته مع عائلته ويسمع اسمه المُستعار ينال جائزة أوسكار في كل مرة ويحتفل لوحده مع العائلة. لقد كان ممنوعاً على كاتب السيناريو الشهير دالتون ترومبو أن يكتب شيئاً تحت اسمه أو أن يعمل بعد اتهامه بالعمالة للشيوعية واعتباره خطراً على أميركا. تمّت مُحاكمة  ترومبو ورفض الاعتذار عن انتماء ثقافته للحزب الشيوعي، دخل السجن ليخرج في مواجهة الاهانات المتتالية والبطالة بعد أن أُقفلت كل الأبواب أمام موهبته. هي تلك الفترة التي عُرفت بالمكارثية وراح ضحيتها مثققفون وأكاديميون وممثلون في هوليوود التي رغبت في تنظيف نفسها من "وساخة" الشيوعيين. فترة وسخة في حياة أميركا إضافة لوساخات كثيرة ما يزال عليهم تنظيفها. تم الاعتذار وأُعيد الاعتبار للضحايا الذيت انتحر بعضهم بعد أن فشل في مواجهة قسوة الحياة والجوع.
فماذا عن بعض العَرب! كم لديهم من أشياء عليهم الاعتراف بها واتخاذ قرار الاعتذار عن أفعال قاموا بها في حق أنفسهم وحق غيرهم وما زال الضحايا في انتظار الاعتذار إلى اليوم. لقد مات بعضهم لكن لابد من اعتذار لهم وحتى قبورهم.
في السياق اليمني أعرف شخصية ثقافية "رسمية" عاقبت شاعراً شاباً لأنه قرأ قصيدة في مهرجان الشعر العربي للشباب في صنعاء لأنه شتم "الزعيم".  كان الوزير المثقف ،كما كان يُطلق عليه غيوراً على الزعيم أكثر من نفسه. كاد أن يخنق الشاعر من رقبته لولا كثافة الحضور والكاميرات. أتذكر حضور قاسم حداد ومحمد العباس واسكندر حبش ولقمان ديركي وسامر ابو هواش ونجاة علي وكريم عبد السلام وعزمي عبد الوهاب وهدى حسين وفاطمة ناعوت. ذلك الوزير أنزل الشاعر الشاب  من المنصة ولولا تدّخل الشعراء العرب الكبار لكن ذلك الشاعر اليمني الشاب دخل المُعتقل. الفضيحة أن ذلك الوزير يقيم الآن في منزل الثورة ويكتب مقالات ضد ذلك "الزعيم". لكنها كانت فضيحة وما تزال رائحتها باقية إلى اليوم. وأنا أعتذرللجميع. للقصيدة وللشاعر الشاب و..للحياة في أثيوبيا العُظمى.