*هو خبر طازج وعلى الريق.خبر ماتزال رائحته فيه ويقول:وصل فارق حسني ،وزير الثقافة المصري باريس في مستهل معركته لنيل مقعد الأمين العام لمنظمة اليونسكو أهم منظمة ثقافية في العالم.خلفا للياباني المحترم كوتشيريو ماتسورا.المثقف الفعلي والمنتمي لبلد تُقدس الثقافة وتُعلي من قيمة الفرد وحريته.
*هو خبر طازج إذن .حسني في باريس ومرشحا قويا لليونسكو بدعم رئاسي رسمي غير محدود ولامسبوق.حسني في باريس التي اشتغل فيها ملحقا ثقافيا ومديرا للمركز الثقافي من الفترة (1971-1978.هذه شغلته الظاهرة أما في الأساس كان عينا وكاتب تقارير(مخبر بالعامية)،مهمته عمل كشف بأسماء المعارضين لنظام السادات ومراقبة تحركاتهم ومايفعلون في أيامهم ولياليهم.يعني أن الأمين العام المُحتمل لأهم منظمة ثقافية في الكون هو مخبر سابق وصاحب خبرة في كتابة التقارير.حلو.
*فاروق إلى اليونسكو .عبارة حقيقية وتقع في خانة الممكن حدوثه بعد أيام.( تجرى الجولة الأولى من التصويت في 17 سبتمبر/أيلول الجاري وتجرى بعدها أربع جولات تصويت قبل الاجتماع العام للدول الـ193 الأعضاء في المنظمة في أكتوبر تشرين الأول المقبل لإقرار نتائج جولات التصويت).وهذا وسط تأييد من نحو 30دولة عربية وأفريقية تكفي أصواتها لفوزه بالمنصب.(لاغريب على دول تحتقر الثقافة وأصحابها ولها باع طويل في وأد حرية الرأي والقول والكتابة أن تقف إلى جوار رفيقها الهمام.
*فاروق لليونسكو.أحاول تدوير العبارة بيني وبيني ،من أجل استيعابها والاقتناع أنها واقع وحقيقة لكن لا أنجح في تصديقها.اليونسكو مرة واحدة يا فاروق ياحسني!مسألة تستعصي على عقلي الصغير وتفوق احتماله.لايجوز هذا الأمر ولايصح.هو عيب وعيب كبير على الثقافة والإنسان والفنون والجمال.منذ1987 وهو يركب على ظهر ثقافة مصر ووزارتها ويريد الآن أن يركب فوق ثقافة العالم.كثير هذا وضخم وفانتازي.أكثر من ثلاثة وعشرين سنة والرجل وزير للثقافة في بلد كمصر ،ولم يتعب أو يئن أو يعلن حاجته للراحة.وبدلا عن هذا خرج على العالم بنيته الترشح لمنصب الأمين العام لمنظمة اليونسكو!لم يكفه مافعل في ثقافة مصر فأتى إلى باريس كي يكمل ما بدأ.ويفعل هذا بسيرة إنجازات حافلة قام بتدوينها على موقعه الالكتروني الشخصي وكان على رأسها رؤيته للعمل :الابتكار والتجديد! يا راجل قول كلام غير ده!ثلاثة وعشرون عاما وهو في نفس المكان ،لا يتحرك ولا يتنقل ،أن يذهب إلى وزارة أخرى مثلا ،ماداموا راضيين عنه،أن يذهب إلى سفارة خارج البلد،أن يفعل أي شيء من باب التغيير ودفع الملل الذي يجلبه المكوث في منصب واحد طوال ربع قرن.ثلاثة وعشرون عاما ويتكلم ،بكل بجاحة،أنه يعتمد الابتكار والتجديد كطريقة عمل ومنهج!
*هي ثلاثة وعشرون عاما ،نعم.وفيها فعل فاروق الكثير ومنه:
-الاشتراك في أكبر عملية تدمير واحتيال وتهريب تمت على الآثار المصرية.
-الإهمال الفادح بحكم طبيعة عمله ما أدى لوفاة أكثر من أربعين فنانا وكاتبا وناقدا مصريا مهما قضوا حرقا في قصر الثقافة بمحافظة بني سويف المصرية العام 2005.ولم يتحرك أو يبد أية شعور بالمسؤولية كما لم يلق بالا لاحتجاجات المثقفين المصريين ومطالبتهم بعزله كأبسط إجراء يمكن اتخاذه في أي دولة تمتلك الحد الأدنى من إحترام مواطنيها.وتم الاكتفاء نبعد مدة طويلة بتقديمه لاستقالة صورية تم رفضها بالطبع كما والتربيت على كتفيه من قبل القيادة السياسية التي كان لسان حالها يقول :معلش ياحسني ،متشلش في بالك.حكمة ربنا .هو في حد يأدر يعمل حاجة أودام حِكمة ربنا!
-تورط وزارته في العديد من قضايا الفساد التي تم الُحكم فيها قضائيا ضد عدد من أهم مساعديه الذين كان يختارهم بعناية وبحسب مواصفاته،ومنهم:خديجة لملوم ،مديرة مكتبه،ومحمد فودة سكرتيره الشخصي ثم أيمن عبد المنعم ،إخطبوط الآثار.وقد لاقوا عقابهم في حين خرج هو منها ناجيا ككل مرة.
-إصراره الدائم على فرض الرقابة والدعوة لحرق الكتب العبرية.(يُفترض في أي مثقف أن يكون على الضد من فكرة إحراق الكتب ،عبرية كانت أو هندوسية أو بوذية).وهو التصريح الذي عاد واعتذر عنه مؤكدا نيته زيارة تل أبيب في حال فوزه وذلك عندما قامت عليه قيامة المنظمات اليهودية في العالم والتي طالبت باعتذاره وإبعاده عن الترشيح لمنصب الأمين العام لليونسكو.مما دفع الحكومة المصرية للدفاع عن زلته بإعلانها تخصصي ميزانيات كبيرة لترجمة عدد كبير من الكتب العبرية، وترميم معبد موسى بدميون اليهودي في وسط القاهرة.
-سخريته الدائمة وفي أكثر من مناسبة علنية من استقلالية المثقفين المصريين الخارجين عن "حظيرته"الشخصية.
-سخريته الدائمة من الأديان والمعتقدات الدينية بما يتعارض هذا مع مبدأ احترام حرية الرأي والمُعتقد.
-لم يبدر منه طوال فترة رقوده على كرسي الوزارة موفقا مناهضا للقمع والاعتقال والتعذيب وإرهاب المثقفين ومطاردتهم في مصدر حياتهم.
وإلى هذا كثير ،على الرغم من أن واحدة من هذه الانجازات المذكورة عالية كافية لأن تجعل منصب الأمين العام لليونسكو مُحرما عليه.
*بالمختصر.هو عيب كبير أن يترأس شخص كفاروق أعلى منصب ثقافة في العالم.عيب ولا يجب أن يكون واقعا.ليس من العدل تكريم القمع والمخبرين وحارقي الكتب.كما لاينبغي تعميم التجربة العربية لتعم ثقافة العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقات