الجمعة، 18 سبتمبر 2009

كيت وينسلت وتسكن قلبي..



(1)




أما آن لهذا العذاب من نهاية وآخرة . أما آن لهذا الفيلم الملعون أن يذهب إلى نار جهنم !

أقول بيني وبيني وأنا أنظر ، للمرة السابعة ، ربما ، لفيلم " القارئ " ( ذا ريدر ) . المرشح لخمس جوائز أوسكار ، من بينها جائزة أوسكار أفضل ممثلة والتي ستروح حتماً لفتاة ال" تايتانيك " الشهيرة . الحلوة كيت وينسلت . أقول حتماً لأنها فعلت بقلبي مافعلت . جرحته وأجرت عليه الأذى . وهذه الأفعال تستحق جائزة أكيدة .

كنت قد شاهدتها قبل أيام مع رفيق دربها ليوناردو ديكابريو في فيلم " ريفلوشنري رود " الذي كتبت عنه قبل ثلاثة أعداد على هذه المساحة المتاحة لي أن أقول فيها ما أود وأرغب عن هذه السينما التي هي أجمل من الحياة .

ذاته الفيلم (ريفلوشنري رود) الذي ترشح لجوائز أوسكار لم يكن من بينها أفضل ممثلة . كانت كيت وينسلت باهرة ولافتة فيه كما رفيق دربها . (كلاهما يذهبان إلى نضج فني غير معقول) .

لكنها ظهرت مختلفة تماما في فيلم " القارئ " . مختلفة لدرجة تجعلنا نرفع قبعاتنا لسيادة هذه الممثلة التي تسير في تمام تألقها . شاهدوا هذا الفيلم لتدركوا ماذا أعني وأريد إيصاله.

(2)



هل تجيدها ؟ تقول .

ماذا ؟ يقول .

القراءة!

وهي رغبت منه أن يقرأ لها . كل ليلة وكل يوم وكل لحظة وبعدها يمارسان الحب . تريده أن يقرأ لها فقط . ستقرر أن تحبه فقط لكي يقرأ لها . هي في الأربعين وهو في السادسة عشرة من عمره . كيف تستقيم العلاقة هنا . ممكن . عندما يكون الحب من أجل القراءة .

في اللقاء الأول كان مريضا وهي وقفت كي تساعده على تجاوز محنته . بعد ثلاثة أشهر عاد إلى بيتها كي يشكرها . اشترى لها باقة من الزهور وذهب.

" لم يسبق لي أن مرضت من قبل " يقول . لكنه الآن مريض بها . لكنه الآن مدمن بها . يعود إليها مرة ثانية .تطلب منه أن يحمل لها دلوا مليئا بالفحم . يتسخ . " تبدو مثيرا للسخرية !انظر لنفسك يافتى .لايمكنك العودة للمنزل هكذا . أخلع ملابسك ، سأعد لك حماماً " .

صار يهرب من المدرسة كي يأتي إليها . انقلبت عاداته وصار مبلغ سعادته أن يجد لها كتابا جميلا . الروايات على وجه الخصوص .

" سأقرأ لكِ رواية ، لكن أود سماعها منكِ "

" لا . أودها منك " .

" لم أعرف أي امرأة قبلك . والآن أنا لا أستطيع الحياة من دونك . مجرد التفكير في هذا يقتلني " .

" هل معك كتاب " تكون الإجابة .







(3)



تعمل في السكة الحديد ، كقاطعة تذاكر . مهنة لاتتطلب شرط القراءة والكتابة . مثابرة وجادة . يصلها خبر تصعيدها إلى وظيفة إدارية . تنقلب الدنيا بداخلها . هي لاتريد غير هذه المهنة . ( لماذا ؟ ) . تجمع أغراضها وترحل فجأة . حتى أنها لاتخبر الفتى برحيلها . إلى أين ذهبت ولماذا ؟ نشاهد هذا في فترة لاحقة من الفيلم . لكن ماذا يفعل الفتى بنفسه ؟ ينطبق عليه ماقدمته من اقتباس هنا في العدد الماضي من أبيات لأبي نواس "

تمنّاهُ طيفي في الكَرَى ، فتعتّبا ،

وقبّلْتُ يوماً ظِلّهُ، فَتَغَيّبَا

و قالوا له: إنّي مررتُ ببابه،

لأسرقَ منه نظرة فتحجّبَا

و لو مرّ نفْحُ الرّيحِ من خلْفِ أذْنِهِ ،

بذِكْرِي لسبّ الرّيحَ، ثمّ تغضّبا

و ما زادهُ عندي قبيحُ فَعالهِ ،

". ولا السّبُّ والإعرَاضُ إلاّ تحَبُّبَا

هي حال الفتى تماما . تقول به وبأحواله حينها .

أود لو كتبت تفاصيل الفيلم كاملة لكني أخشى على القارئ من فقده لذات اللذة التي بلغتها . لا استطيع ارتكاب مثل هذا الفعل .



(4)



كيت وينسلت إذن نجحت في صنع فيلم سيبقى في الذاكرة زمنا طويلا . فيلم يذهب بصاحبته إلى جائزة أوسكار أكيدة . لا أقول هذا اعتباطا . لقد شاهدت ( أنا هاذواي ) وفيلمها "راشيل غيتنغ ماريد " وشاهدت ( أنجليانا جولي ) وفيلمها "شالينغ " وشاهدت ( ميريل ستريب ) وفيلمها " داوت " وشاهدت ( مليسيا ليو) وفيلمها "فوريزن ريفر " . وهي القائمة المرشحة لنيل جائزة أوسكار أفضل ممثلة مساء الأحد القادم . شاهدتهن جميعا وبالذات الدور اللافت لأنجليانا جولي في فيلم " شالينغ " كما وميريل ستريب وفيلمها " داوت " . لكن كيت وينسلت ثانية ومختلفة ومتألقة وتخطف الدمع من العين . تضعك في زاوية معتمة من الحياة . وتقول في نفسك : ماهكذا تكون الحياة والناس والجن أجمعين ! ماهكذا يكون التمثيل ياكيت وينسلت خففي ثقلك الراقد في قلبي . أريد أن أتنفس .في حين تذهب يديّ لتبحث عن يديّ . أريد منهما أن يرتفعا كي يمسحا الدمع التي تكثف في عينيّ فلم أعد أرى الذي يسير أمامي على الشاشة .



ستفوزين بجائزة أوسكار ياكيت وينسلت . أنا متأكد من هذا . أرفع يديّ إلى السماء أن تمنحك الجائزة التي ستناليها بلا شك .سأدعو لكِ كل مساء . وحتى لو لم يحصل هذا الأمر . طز في الأوسكار وأصحابه . يكفي أني قد وقعت في الحب . حُبكِ ياكيت .



__________
كُتب هذا المقال لصحيفة الثقافية ..تعز اليمن.قبل اعلان جوائز الأوسكار للعام2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقات