يظهر موضوع القتل الرحيم بقوة في فيلم "فتاة المليون دولار"
انتاج (2004) ومن إخراج البديع كلينت استوود، يظهر هذا الموضوع مُعبرَاً بشكل فاتن
عن جدوى الذهاب لخيار القتل الرحيم. هذه المسألة الشائكة التي لم تُحسم حتى اليوم.
حصل الفيلم على أربع جوائز أوسكار؛ أوسكار لهيلاري سوانك كأفضل ممثلة، أوسكار أفضل
مخرج، أوسكار أفضل فيلم، وأوسكار أفضل ممثل مساعد للأنيق فعلاً الأسمر مورغان
فريمان.
عندما استلمت هيلاري سوانك جائزة الأوسكار قالت:" لا أدري ماذا
فعلت كي أستحق جائزة أوسكار". لكن هي تمزح هنا. من شاهد الفيلم يعلم جيداً
لماذا أجمع الحكّام على مسألة استحقاقها ذلك التمثال الذهبي الذي يتمناه كل العاملين
في السينما.
عاملة شابة فقيرة في احد مطاعم الوجبات السريعة تريد أن تصبح ملاكمة
كي تكون قادرة على الخروج من حالة الفقر والحياة الرديئة التي تعيشها مع أسرة
معدمة وغير نزيهة. تسير في طريقها بصبر ويقبل كلينت استوود تدريبها على مضض وكذلك يفعل مورغان فريمان. هما قد مرّا على هذا
الطريق ويعرفان نتيجته. هما لا يريدان لها أن تعيش ذات القصة وتلك الآلام وإن كان
بشكل مختلف. لكن كل الطرق يبدو أنها تؤدي إلى الألم.
تنجح الفتاة سريعاً ويلمع نجمها لكنها تنتهي فجأة بعد أن تسقط على
أرضية الحلبة وهي تلعب مباراة حاسمة لها. تتحول إلى فتاة مقعدة لا تقوى على الحراك
في حين يبقى استوود دليلها في الحياة. يقرأ لها ويصف الأشياء التي تجري في الخارج.
هي تسمع فقط وتبتسم. ليس هذا مايحدث في داخلها. لا بد للصبر أن يصل
حدوده. تقطع لسانها بأسنانها، وتبلعه، تمرره إلى داخلها. لن تعود قادرة على الكلام
أو حتى قول كلمة" ألم"، تلك الكلمة التي كانت تقولها إمانويل ريفا في فيلم
"حب" لمايكل هاينكي.
وكانت قبل هذا تمهد لما يجب على كلينت استوود فعله من أجل راحتها.
تخبره أن والدها كان لديه كلب مريض، قرر أن يأخذ بندقيته ويأخذ الكلب المريض وان
يذهب إلى الغابة " وعاد والدي من دون الكلب".
لا شيئ غير رصاصة واحدة وتكون الراحة الأبدية والخلاص من الألم
الكبير. لكن هنا سيكون الأمر مختلفاً. الهدف نائم على سرير وجسده موصول بأنابيب
شتّى تصله بسوائل كثيرة لها أن تمكنه من البقاء على قيد الحياة. من سيقوم بإيقاف
ذلك السيلان!
من سيكون قادراً على إطلاق صافرة النهاية تماماً كما يحدث في
المباريات الحاسمة.
من سيكون قادراً على إعطاء كائن حياة أخرى أفضل وأقل تعاسة من الحياة
التي يقيم عليها الآن!
من سيمتلك القدرة على ضغط الزر الذي في مدخل الغرفة ويتحول المكان إلى
عتمة تامة بمجرد الضغط عليه!
من سيفعل وضع الكتاب الكبير،بعد إغلاق غلافيه على الرف وإبقائه في
الأرشيف!
ذهب الرجل مع الكلب المريض إلى الغابة، خرجت رصاصة إلى الهواء وصعدت
الروح إلى فوق، في حين عاد الرجل وحيداً إلى منزله من غير.. روح.
__________________
مقال منشور في عدد الخميس 27 يونيو 2013- جريدة "الثوري". صنعاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تعليقات