الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

بين الشرمطة والأدب ..


كنتُ أقوم بتقطيع الطماطم الحبيبة فقطعت إبهامي الأيسر وسالت دماء. لقد شردت ونصف عيني مرمية على مقطع رهيب من "الجميلات النائمات" لياسوناري كاوباتا التي نجحت في قرصنتها مؤخراً بترجمتها الفرنسية. كُنت في ذلك المقطع الرهيب الخاص بتلك السيّدة المتزوجة والمنتمية لفئة اجتماعية راقية ولها سمعة جيدة وعلاقات شتى.
كانت،كل مساء، قبل نومها تغمض عينيها وتبدأ،على أصابع يديها في عدّ الرجال الذين يروق لها قيامهم بتقبيلها، تعدّهم على أصابعها واحداً واحداً وحين لاتقدر على وصولها إلى العدد عشرة تشعر روحها وحيدة للغاية. إنها فقط عملية إحصاء والنساء لوحدهن،حين اقتراب موعد النوم، يدركن معنى الوحدة. إنها تعدُّ فقط وربما تعاود تأمل وجوه أولئك الرجال وشكل أجسادهم خلال العدّ كي تبتهج مشاعرها، مجرد اشتهاء لا أكثر وفي سريّة تامّة، في العتمة التامّة. لكن حصول الفكرة من أساسها منح بطل الرواية شعوراً بالقذارة على الرغم من كونها حكاية قد ماتت وماتت صاحبتها " كم مِن الرجال، قبل أن تموت، تخيّلت قبلاتهم لها!". هو نفسه كان يخجل من تذكّر النساء اللواتي قد نام معهن فعلاً. لم يكن يسمح باستعادة قصصهن ولو عن طريق الخيال.
كانت الدماء ماتزال تسيل من إبهامي وأنا أقرأ وأقوم بمواصلة تقطيع الطماطم وحين انتهيت أتت غادة السّمان في بالي. تلك المرأة، الكاتبة الوحيدة في العالم التي أزالت الفارق بين الأدب وبين الشرمطة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقات